الرواية الثابتة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ طلاق الثلاث دفعة يبطل بإيضاح أنه لا عبرة بسكوته صلى الله عليه وسلم وتقريره له، بناء على أن الفرقة بنفس اللعان كما ترى. . . وبعد سياقه لبقية المذاهب في الفرقة باللعان قال: وبهذا تعلم أن كون الفرقة بنفس اللعان ليس أمرا قطعيا حتى ترد به دلالة تقرير النبي صلى الله عليه وسلم عويمرا العجلاني على إيقاع الثلاث دفعة الثابت في الصحيح، لا سيما وقد عرفت أن بعض الروايات فيها التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم أنفذ ذلك.
وبعد أن عرض مذاهب العلماء في نفقة البائن وسكناها قال:
فإن قيل: إنفاذه صلى الله عليه وسلم الثلاث دفعة من الملاعن على الرواية المذكورة لا يكون حجة في غير اللعان؛ لأن اللعان تجب فيه الفرقة الأبدية، فإنفاذ الثلاث مؤكد لذلك الأمر الواجب بخلاف الواقع في غير اللعان، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب من إيقاع الثلاث دفعة في غير اللعان، وقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم (١) » كما أخرجه النسائي من حديث محمود بن لبيد.
فالجواب من أربعة أوجه:
الأول: الكلام في حديث محمود بن لبيد، فإنه تكلم فيه من جهتين: الأولى: أنه مرسل؛ لأن محمود بن لبيد لم يثبت له سماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانت ولادته في عهده صح وذكره في الصحابة من أجل الرؤية، فقد ترجم له أحمد في [مسنده] وأخرج له عدة أحاديث ليس فيها شيء صريح فيه بالسماع.