للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه ودل عليه سياق الكلام، فإن الآية نزلت بيانا لأهوال يوم القيامة عند النفخ في الصور، بدليل قوله تعالى في الآية التي قبلها: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (١) ثم قال بعدها: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً} (٢) . . . ونظير ذلك قوله تعالى في سورة الواقعة: {إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا} (٣) {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} (٤) {فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا} (٥)

فتفسيرها بدوران الأرض لتكون معجزة، مخالف لسياق الكلام، وخروج بها عن نظائرها من آيات القرآن الواردة في نفس الموضوع، بل مخالف لظاهر الآية نفسها، فإن الدوران لا يقابل الجمود، بل الذي يقابل جمود الجبال وجعلها رواسي للأرض كونها هباء منبثا كالعهن المنفوش تطيرها الرياح فتمر مر السحاب بعد أن كانت أحجارا صلبة متماسكة مستقرة على الأرض أوتادا لها، فكيف يجعل الخطأ في بيان المراد من الآية معجزة يثبت بها أن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، وأن القرآن تنزيل من رب العالمين؟!

ثانيا: أن قوله تعالى في سورة يونس: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} (٦) الآية، وقوله تعالى في سورة الفرقان: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} (٧) دليل على أن


(١) سورة النمل الآية ٨٧
(٢) سورة النمل الآية ٨٨
(٣) سورة الواقعة الآية ٤
(٤) سورة الواقعة الآية ٥
(٥) سورة الواقعة الآية ٦
(٦) سورة يونس الآية ٥
(٧) سورة الفرقان الآية ٦١

<<  <  ج: ص:  >  >>