السادسة: حيازة الأجنبيين بعضهم على بعض فيما لا شركة بينهم فيه وهي أقواها، والحيازة تكون بثلاثة أشياء: أضعفها السكنى والازدراع، ويليها الهدم والبنيان والغرس والاستغلال، ويليها التفويت بالبيع والصدقة والهبة والعتق والكتابة والتدبير والوطء وما أشبه ذلك مما لا يفعله الرجل إلا في ماله، والاستخدام في الرقيق والركوب في الدواب كالسكنى والغرس في الدور والأرضين ونتكلم في الأقسام الستة.
(فأما القسم الأول) : وهو حيازة الأب على ابنه والابن على أبيه فلا اختلاف في أنها لا تكون بالسكنى والازدراع، قال ابن راشد: ولا باستخدام العبد فلو بقي العبد بيد الابن زمانا طويلا فلما مات الأب قال: هو لي بوجه كذا من أبي فقال ابن القاسم: لا ينتفع بطول الحيازة حتى يأتي ببينة على ما ادعاه والاتفاق على أنها تكون بالتفويت بالبيع والهبة والصدقة والعتق والتدبير والكتابة والوطء، واختلف: هل يحوز كل واحد منهما على صاحبه بالهدم والبنيان والغرس أم لا؟ على قولين: المشهور أنه لا يحوز عليه بذلك إن ادعاه ملكا لنفسه قام عليه في حياته أو بعد وفاته. وقال ابن رشد: يريد والله سبحانه وتعالى أعلم إلا أن يطول الأمر جدا إلى ما يهلك فيه البينات وينقطع العلم.
والقول الثاني: أنه يحوز عليه بذلك إن قام عليه في حياته أو على سائر ورثته بعد وفاته إذا ادعاه ملكا لنفسه ومثل الأب والابن الجد وابن الابن.
(وأما القسم الثاني) : وهو حيازة الأقارب الشركاء بالميراث أو بغير الميراث فلا اختلاف أيضا في أنها لا تكون بالسكنى والازدراع وإن طالت السنون، قال مطرف: إلا أن يكون مثل الخمسين سنة ونحوها وإن كان بعضهم يقبل الثمار فهو كالسكنى وأبناؤهم وأبناء أبنائهم