جوابه، فإن قال المدعي: غصبتني، حلف أني ما غصبتك هذا، وإن قال المدعي: أودعتك هذا، حلف أنك ما أودعتني إياه ونحو ذلك، فإذا حلف بأنك ما تستحق علي شيئا، أو أنك لا تستحق شيئا فيما ادعيته صار جوابا صحيحا ولا يكلف سواه، والحال الثاني: أن يدعي على من هو في يده بأن أباك غصبني هذا أو أنه وديعة عنده ونحو ذلك، فيمين المدعى عليه على نفي العلم، فيحلف في دعوى الغصب بأني ما علمت أن أبي غصب هذا منك، وفي دعوى الوديعة ما علمت أنك أودعته إياه ونحو ذلك.
وفي [سنن أبي داود] : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للحضرمي: «ألك بينة؟ قال: لا ولكن أحلفه، والله يعلم أنها أرضي اغتصبها أبوه (١) » فتهيأ الكندي لليمين ولم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا تمكنه الإحاطة بفعل غيره بخلاف فعل نفسه فوجب أن لا يكلف اليمين على البت.
وأما إذا ادعى أن هذه اليمين له الآن وشهدت البينة بأنها كانت له أمس، وأنها كانت في يده أمس لم تسمع بينته لعدم تطابق البينة والدعوى، قال في [الإنصاف] : في أصح الوجهين حتى يتبين سبب يد الثاني نحو غصبه بخلاف ما لو شهدت أنها ملكه اشتراه من رب اليد فإنها تقبل. اهـ.
وأما إذا شهدت البينة أن هذه العين لهذا المدعي بهذه الصيغة كفى ذلك وسلمت إلى المدعي ولو لم تقل وهي في ملكه الآن، وأما إذا ادعى أن هذه العين كانت ملكا لأبيه أو أمه أو أخيه ومات وهي في ملكه فصارت لي بالميراث، فإن شهدت بأن هذه العين كانت ملكا لأبيه ومات وهي في ملكه سمعت البينة بذلك، وإن قالت البينة كانت ملكا لأبيه ونحوه، ولم تشهد بأنها خلفه تركة لم تسمع هذه البينة. وفي [الفروع] و [الإنصاف] ، عن الشيخ تقي الدين أنه قال فيمن بيده عقار فادعى آخر بثبوت عند الحاكم
(١) صحيح البخاري الرهن (٢٥١٦) ، صحيح مسلم الإيمان (١٣٨) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٩٦) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٢٤٤) ، سنن ابن ماجه كتاب الأحكام (٢٣٢٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢١٣) .