ما هو مقطوع به أو كالمقطوع به؟ كذلك إذا رأينا رجلا يقود فرسا مسرجا ولجامه وآلة ركوبه، وليست من مراكبه في العادة ووراءه أمير ماش أو من ليس من عادته المشي فإننا نقطع أن يده مبطلة، وكذلك المتهم بالسرقة إذا شوهدت العملة معه وليس من أهلها. كما إذا رؤي معه القماش والجواهر ونحوها مما ليس من شأنه، وادعى أنها ملكه وفي يديه لم يلتفت إلى ملك اليد.
وكذلك كل يد تدل القرائن الظاهرة التي توجب القطع أو تكاد أنها يد مبطلة لا حكم لها، ولا يقضى بها، فإذا قضينا باليد فإنما نقضي بها إذا لم يعارضها ما هو أقوى منها، وإذا كانت اليد ترفع بالنكول وبالشاهد الواحد مع اليمين وباليمين المردودة فلأن ترفع بما هو أقوى من ذلك بكثير بطريق الأولى.
فهذا مما لا يرتاب فيه أنه من أحكام العدل الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه ووضعهم بين عباده، فالأيدي ثلاث: يد يعلم أنها مبطلة ظالمة فلا يلتفت إليها.
الثانية: يد يعلم أنها محقة عادلة فلا تسمع الدعوى عليها، كمن يشاهد في يده دار يتصرف فيها بأنواع التصرف من عمارة وخراب وإجارة وإعارة مدة طويلة من غير منازع ولا مطالب مع عدم سطوته وشوكته، فجاء من ادعى أنه غصبها منه واستولى عليها بغير حق وهو يشاهده في هذه المدة الطويلة ويمكنه طلب خلاصها منه، ولا يفعل ذلك - فهذا مما يعلم فيه كذب المدعي، وأن يد المدعى عليه محقة.
هذا مذهب مالك وأصحابه وأهل المدينة وهو الصواب. قالوا: إذا رأينا رجلا حائزا لدار متصرفا فيها مدة سنين طويلة بالهدم والبناء والإجارة