والحفظ من الألواح التي يكتبونها ثم يمحونها بعد حفظ ما فيها، ليكتبوا غيره فيها، ثم رأوا أن التلاوة في المصاحف غير المنقوطة يكثر فيها الخطأ لغير الحافظ فاستحدثوا النقط، لمنع ذلك، ثم استحدثوا الشكل لضبط الإعراب وصحة النقط، ثم وضعوا علامات وقف للحاجة إليها وكون معرفة ما يحسن الوقف عليه منوطا بالفهم، وما كل قارئ يفهم، وجعلوا لهذه العلامات أشكالا بحسب درجاتها، ثم وضعوا لضبط التلاوة وتجويدها فنا وللوقف والابتداء فنا أفردوا كلا منهما بالتدوين، وجروا عليهما في التلقين وفي كتابة المصاحف، فالغرض من كل هذه المستحدثات ضبط تلاوة القرآن واتقاء الخطأ فيها.
ولكن لا يزال فيه كلام كثير يخطئ في النطق به من لم يلقنه بالحفظ من زيادة حروف ونقص أخرى، وقد صرنا في زمان يقل فيه من القارئين من يتلقى التجويد وعلامات الوقف على حفاظ المقرئين، فكثر الخطأ في القراءة وفي الوقف والابتداء، واشتهر في الخط وصناعة الطبع ترقيم جديد فيه علامات للوقف وللاستفهام والتعجب ألفها الناس بدون حاجة للترقيم فاستغني بها عن علامات الوقف الكثيرة في المصاحف من الحروف المفردة والمركبة التي صارت منتقدة لعدم فهم الجمهور لها ولاستغناء الحفاظ عنها، ولأن منها كلمات قد يظن الجاهلون بالقرآن أنها منه ككلمتي صلي وقلي فإنني أستنكر وضعهما في المصاحف أشد الاستنكار.
ويرى السائل وغيره أنني جريت في تفسيري للقرآن الحكيم المعروف بـ[تفسير المنار] ظهر علي التزام رسم الإمام في الآيات المضبوطة بالشكل التام مع علامات الترقيم العصرية، ثم رسم الآيات في أثناء