بأصل الدين ولا تلاعبا به، وإن هو خالف الخط العربي فالفرق بين الخط العربي المعروف والخط الكوفي أبعد من الفرق بين الخطين العربي والفارسي، ونرى علماء المذاهب متفقين على هذه الخطوط كلها، ولكنهم يعتقدونها عربية. وإذا قيل: إنها مختلفة اختلافا لا يكفي لمتعلم، أحدها: أن يقرأ الآخر كالكوفي والفارسي: نقول: قصارى ما يدل عليه ذلك: أن كل خط جائز بشرطه، ولكن عندنا ما يدل على أنه ينبغي الاتفاق على خط واحد. فهم المسلمون هذا من روح الإسلام، فكانوا متحدين في كل عصر على كتابة القرآن بخط واحد يتبع فيه رسم المصحف الإمام لا يتعدى إلا إلى زيادة في التحسين والإتقان. وذلك من آيات حفظ الله له وهو عندي واجب، فإن القرآن هو الصلة العامة بين المسلمين، والعروة الوثقى التي يستمسك بها جميع المؤمنين، ومن التفريط فيه أن يفد المسلم القارئ على مصر قادما من الصين فلا يستطيع قراءة مصاحفها، وكذا يقال في سائر الشعوب. وتصريح كثير من الأئمة بأن خط المصحف توقيفي، وأنه لا يجوز التصرف فيه يؤيد ما ذهبنا إليه.
ولقائل أن يقول: إن في هذا الرأي تضييقا على نشر القرآن. وتوسيع دائرة الدعوة إلى الإسلام، وإننا نرى النصارى قد ترجموا أناجيلهم إلى كل لغة، وكتبوها بكل قلم، حتى إنهم ترجموا بعضها بلغة البرابرة. فما بال المسلمين، وغيرهم يتوسعون، ولنا أن نقول في الجواب: إننا جوزنا ترجمة القرآن لأجل الدعوة عند الحاجة إلى ذلك ولا شك أن الترجمة تكتب باللغة التي هي بها. ولكن المسلم الذي يقرأ القرآن بالعربية لا يحتاج إلى كتابته بحروف أعجمية إلا في حالة واحدة، وهي تسهيل