أي: لا يجب عليه بالإجماع، وإن نوى بعدما حل النفر الأول لا يسقط، وعليه طواف الصدر في قول أبي حنيفة، وقال أبو يوسف: يسقط عنه إلا إذا كان شرع فيه، ووجه قوله: إنه لما نوى الإقامة صار كواحد من أهل مكة، وليس على أهل مكة طواف الصدر، إلا إذا شرع فيه؛ لأنه وجب عليه بالشروع فلا يجوز له تركه، بل يجب عليه المضي فيه، ووجه قول أبي حنيفة: أنه إذا حل له النفر فقد وجب عليه الطواف لدخول وقته، إلا أنه مرتب على طواف الزيارة، كالوتر مع العشاء، فنية الإقامة بعد ذلك لا تعمل، كما إذا نوى الإقامة بعد خروج وقت الصلاة. ومنها: الطهارة من الحيض والنفاس، فلا يجب على الحائض والنفساء حتى لا يجب عليهما الدم بالترك، لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للحيض ترك هذا الطواف لا إلى بدل، فدل أنه غير واجب عليهن، إذ لو كان واجبا لما جاز تركه إلا إلى بدل وهو الدم، فأما الطهارة عن الحدث والجنابة فليست بشرط للوجوب، ويجب على المحدث والجنب؛ لأنه يمكنهما إزالة الحدث والجنابة فلم يكن ذلك عذرا. والله أعلم.
(فصل) : وأما شرائط جوازه، فمنها: النية، لأنه عبادة فلا بد له من النية، فأما تعيين النية فليس شرطا حتى لو طاف بعد طواف الزيارة لا يعين شيئا، أو نوى تطوعا كان للصدر؛ لأن الوقت تعين له فتنصرف مطلق النية إليه، كما في صوم رمضان، ومنها: أن يكون بعد طواف الزيارة حتى إذا نفر في النفر الأول فطاف طوافا لا ينوي شيئا، أو نوى تطوعا، أو الصدر يقع عن الزيارة لا عن الصدر؛ لأن الوقت له طواف، وطواف الصدر مرتب عليه فأما النفر على فور الطواف فليس من شرائط جوازه حتى لو طاف