للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك؟ قال: فرجع زيد إلى ابن عباس يضحك، وهو يقول: ما أراك إلا قد صدقت) .

وروي عن ابن عمر أنه رجع إلى قول الجماعة أيضا، وقد ثبت التخفيف عن الحائض بحديث صفية حين قالوا: «يا رسول الله، إنها حائض، فقال: " أحابستنا هي؟ " قالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: فلتنفر إذن (١) » ، ولا أمرها بفدية ولا غيرها، وفي حديث ابن عباس: (إلا أنه خفف عن المرأة الحائض) . والحكم في النفساء كالحكم في الحائض؛ لأن أحكام النفاس أحكام الحيض فيما يوجب ويسقط.

(فصل) وإذا نفرت الحائض بغير وداع، فطهرت قبل مفارقة البنيان، رجعت فاغتسلت وودعت؛ لأنها في حكم الإقامة، بدليل أنها لا تستبيح الرخص، فإن لم يمكنها الإقامة فمضت، أو مضت لغير عذر فعليها دم، وإن فارقت البنيان لم يجب الرجوع إذا كانت قريبة، كالخارج من غير عذر.

قلنا: هناك ترك واجبا فلم يسقط بخروجه حتى يصير إلى مسافة القصر؛ لأنه يكون إنشاء سفر طويل غير الأول، وهاهنا لم يكن واجبا، ولا يثبت وجوبه ابتداء إلا في حق من كان مقيما.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

ثم إذا نفر من منى، فإن بات بالمحصب - وهو الأبطح، وهو ما بين الجبلين إلى المقبرة - ثم نفر بعد ذلك فحسن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم بات، وخرج، ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى، لكنه ودع البيت، وقال: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت (٢) » فلا يخرج الحاج حتى يودع البيت، فيطوف


(١) صحيح مسلم الحج (١٢١١) ، سنن الترمذي الحج (٩٤٣) ، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (٣٩١) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠٠٣) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٢) ، موطأ مالك الحج (٩٤٢) ، سنن الدارمي المناسك (١٩١٧) .
(٢) صحيح البخاري الحج (١٧٥٩) ، صحيح مسلم الحج (١٣٢٧) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠٠٢) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٤٣١) ، سنن الدارمي المناسك (١٩٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>