وإن كان قد طاف قبل عوده من مكة إلى منى كما في [المجموع] ) انتهى، وقال ابن نصر الله البغدادي الحنبلي في حواشي الكافي:(وظاهر كلام الأصحاب لزوم دخول مكة بعد أيام منى لكل حاج، ولو لم يكن طريق بلده عليها لوجوب طواف الوداع عليه ولم يصرحوا به) .
وقال ابن نصر أيضا:(وقوة الأصحاب أن أول وقت طواف الوداع بعد أيام منى، فلو ودع قبلها لم يجزئه ولم أجد به تصريحا، ويؤخذ ذلك من قولهم: من أخر طواف الزيارة فطافه عند الخروج كفاه ذلك الطواف عن طواف الزيارة والوداع، ولم يقولوا من اكتفى بطواف الزيارة يوم النحر عن طواف الوداع ولم يعد إلى مكة) انتهى.
قلت:(بل قد صرح به [المغني] حيث قال: فيما يأتي كما لو طافه قبل حل النفر، أي: فإنه لا يجزئه) قال في [المغني] : (ووقته بعد فراغ المرء من جميع أموره؛ ليكون آخر عهده بالبيت على ما جرت به العادة في توديع المسافر إخوانه وأهله؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى يكون آخر عهده بالبيت (١) » انتهى، قال في [الإنصاف] : (وظاهر كلام المصنف - يعني: الموفق - أن طواف الوداع يجب ولو لم يكن بمكة، قال في [الفروع] : وهو ظاهر كلامهم، قال الآجري: يطوف من أراد الخروج من مكة أو من منى أو من نفر آخر) انتهى، وفي أثناء كلام للشيخ يحيى بن عطوة النجدي تلميذ الشيخ العسكري قال: (وأخبرنا جماعة: أن الشويكي أفتاهم بجواز طواف الوداع أول أيام التشريق قبل حل النفر، والفراغ من واجبات الحج، والبيع والشراء والإقامة بعده بمنى، ونقلوا عنه أنه بالغ حتى نسب ذلك إلى جميع الأصحاب، ولو تحقق ما صرح به الزركشي و [المغني] و [الشرح الكبير]
(١) صحيح البخاري الحج (١٧٥٩) ، صحيح مسلم الحج (١٣٢٧) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠٠٢) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٤٣١) ، سنن الدارمي المناسك (١٩٣٢) .