للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يعطي بعضهم دون بعض، أجزأه أن يعطي مساكين الغرباء دون أهل مكة ومساكين أهل مكة دون مساكين الغرباء وأن يخلط بينهم ولو آثر به أهل مكة؛ لأنهم يجمعون الحضور والمقام لكان كأنه أسرى إلى القلب. والله أعلم (١) .

٣ - قال المصنف - رحمه الله - تعالى:

(إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم؛ لقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (٢) فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم، نظرت، فإن تغير وأنتن لم يجزئه؛ لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن والمتغير، وإن لم يتغير ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجزئه؛ لأن الذبح أمر مقصود به الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة.

الثاني: يجزئه؛ لأن المقصود هو اللحم وقد أوصل ذلك إليهم، وإن وجب عليه طعام لزمه صرفه إلى مساكين الحرم قياسا على الهدي، وإن وجب عليه صوم جاز أن يصوم في كل مكان؛ لأنه لا منفعة لأهل الحرم في الصيام. وإن وجب عليه هدي وأحصر عن الحرم جاز له أن يذبح ويفرق حيث أحصر؛ لما روى ابن عمر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحالت كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية، وبين الحديبية وبين الحرم ثلاثة أميال (٣) » ، ولأنه إذا جاز أن يتحلل في غير موضع التحلل


(١) [الأم] للشافعي، ص ١٥٧.
(٢) سورة المائدة الآية ٩٥
(٣) صحيح البخاري الصلح (٢٧٠١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>