للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفر فقال: إنها تأولت كما تأول عثمان) اختلف العلماء في تأويلهما: فالصحيح الذي عليه المحققون: أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام، وقيل: لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما. وأبطله المحققون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أولى بذلك منهما وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وقيل: لأن عثمان تأهل بمكة. وأبطلوه بأن النبي صلى الله عليه وسلم سافر بأزواجه وقصر، وقيل: فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه؛ لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان أبدا حضرا وسفرا، وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان، وقيل: لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج. وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث، وقيل: كان لعثمان أرض بمنى. أبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة، والصواب: الأول، ثم مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور: أنه يجوز القصر في كل سفر مباح، وشرط بعض السلف كونه سفر طاعة، قال الشافعي ومالك وأحمد والأكثرون: ولا يجوز في سفر المعصية وجوزه أبو حنيفة والثوري، ثم قال الشافعي ومالك وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم: لا يجوز القصر إلا في مسيرة مرحلتين قاصدتين، وهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية، والميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربع وعشرون أصبعا معترضة معتدلة، والأصبع ست شعيرات معترضات معتدلات، وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل، وروي عن عثمان وابن مسعود وحذيفة، وقال داود وأهل الظاهر: يجوز في السفر

<<  <  ج: ص:  >  >>