للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مدة الإقامة فأقلها خمسة عشر يوما عندنا، وقال مالك والشافعي: أقلها أربعة أيام، وحجتهما ما ذكرنا، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم «رخص للمهاجرين المقام بمكة بعد قضاء النسك ثلاثة أيام (١) » فهذه إشارة إلى أن الزيادة على الثلاث توجب حكم الإقامة.

(ولنا) : ما روي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا: إذا دخلت بلدة وأنت مسافر وفي عزمك أن تقيم بها خمسة عشر يوما- فأكمل الصلاة وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصر.

وهذا باب لا يوصل إليه بالاجتهاد؛ لأنه من جملة المقادير ولا يظن بهما التكلم جزافا، فالظاهر أنهما قالاه سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى عبد الله بن عباس وجابر وأنس رضي الله عنهم «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه دخلوا مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة ومكثوا ذلك اليوم واليوم الخامس واليوم السادس واليوم السابع، فلما كان صبيحة اليوم الثامن وهو يوم التروية خرجوا إلى منى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه ركعتين وقد وطنوا أنفسهم على إقامة أربعة أيام» دل أن التقدير بالأربعة غير صحيح، وما روي من الحديث فليس فيه ما يشير إلى تقدير أدنى مدة الإقامة بالأربعة؛ لأنه يحتمل أنه علم أن حاجتهم ترتفع في تلك المدة فرخص بالمقام ثلاثا لهذا التقدير الإقامة (وأما) اتحاد المكان، فالشرط نية مدة الإقامة في مكان واحد؛ لأن الإقامة قرار والانتقال يضاده ولا بد من الانتقال في مكانين.

وإذا عرف هذا فنقول: إذا نوى المسافر الإقامة خمسة عشر يوما في موضعين؛ فإن كانا مصرا واحدا أو قرية واحدة صار مقيما؛ لأنهما متحدان


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٩٣٣) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٢) ، سنن الترمذي الحج (٩٤٩) ، سنن النسائي تقصير الصلاة في السفر (١٤٥٤) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠٢٢) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٥٢) ، سنن الدارمي الصلاة (١٥١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>