تصير مسافرا فقلت: أخطأت في مسألة في موضعين فدخلت مجلس محمد واشتغلت بالفقه وإنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم مبلغ علم الفقه فيصير مبعثة للطلبة على طلبه. (وأما) المكان الصالح للإقامة فهو موضع اللبث والقرار في العادة نحو الأمصار والقرى، وأما المفازة والجزيرة أو السفينة فليست موضع الإقامة، حتى لو نوى الإقامة في هذه المواضع خمسة عشر يوما لا يصير مقيما. كذا روي عن أبي حنيفة وروي عن أبي يوسف في الأعراب والأكراد والتركمان إذا نزلوا بخيامهم في موضع ونووا الإقامة خمسة عشر يوما صاروا مقيمين.
فعلى هذا إذا نوى المسافر الإقامة فيه خمسة عشر يوما يصير مقيما كما في القرية، وروي عنه أيضا أنهم لم يصيروا مقيمين. فعلى هذا إذا نوى المسافر الإقامة فيه لا يصح، ذكر الروايتين عن أبي يوسف في العيون فصار الحاصل أن عند أبي حنيفة لا يصير مقيما في المفازة وإن كان ثمة قوم وطنوا ذلك المكان بالخيام والفساطيط، وعن أبي يوسف روايتان وعلى هذا الإمام إذا دخل دار الحرب مع الجند ومعهم أخبية وفساطيط فنووا الإقامة خمسة عشر يوما في المفازة، والصحيح قول أبي حنيفة؛ لأن موضع الإقامة موضع القرار، والمفازة ليست موضع القرار في الأصل فكانت النية لغوا، ولو حاصر المسلمون مدينة من مدائن أهل الحرب ووطنوا أنفسهم على إقامة خمسة عشر يوما لم تصح نية الإقامة ويقصرون، وكذا إذا نزلوا المدينة وحاصروا أهلها في الحصن، وقال أبو يوسف: إن كانوا في الأخبية والفساطيط خارج البلدة، فكذلك وإن كانوا في الأبنية صحت نيتهم. وقال زفر في الفصلين جميعا: إن كانت الشوكة والغلبة للمسلمين