(أحدهما) : يقصر؛ لما روى أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة.
(والثاني) : لا يقصر؛ لأنه نوى إقامة أربعة أيام لا سفر فيها فلم يقصر كما لو نوى الإقامة في غير حرب، وأما إذا أقام في بلد على حاجة إذا انتجزت رحل، ولم ينو مدة ففيه قولان:
(أحدهما) : يقصر سبعة عشر يوما؛ لأن الأصل التمام إلا فيما وردت فيه الرخصة. وقد روى ابن عباس قال:«سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام سبعة عشر يوما يقصر الصلاة» ، وبقي فيما زاد على حكم الأصل.
و (الثاني) : يقصر أبدا؛ لأنه إقامة على حاجة يرحل بعدها فلم يمنع القصر كالإقامة في سبعة عشر، وخرج أبو إسحاق قولا ثالثا: إنه يقصر إلى أربعة أيام الإقامة أبلغ في نية الإقامة؛ لأن الإقامة لا يلحقها الفسخ، والنية يلحقها الفسخ، ثم ثبت أنه لو نوى الإقامة أربعة أيام لم يقصر، فلأن يقصر إذا أقام أولى، (الشرح) حديث "" رواه البخاري ومسلم، وحديث: «يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا (١) » رواه البخاري ومسلم أيضا من رواية العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه.
وحديث عمر رضي الله عنه أنه أجلى اليهود من الحجاز، ثم أذن لمن قدم منهم تاجرا أن يقيم ثلاثا، صحيح رواه مالك في [الموطأ] بإسناده الصحيح، فرواه عن نافع عن أسلم مولى عمر، وحديث «إقامة الصحابة برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة» رواه البيهقي بإسناد صحيح، إلا أن فيه عكرمة بن عمار، وهو مختلف في الاحتجاج به، وقد روى له مسلم في [صحيحه] .
(١) صحيح البخاري المناقب (٣٩٣٣) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٢) ، سنن الترمذي الحج (٩٤٩) ، سنن النسائي تقصير الصلاة في السفر (١٤٥٤) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠٢٢) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٥٢) ، سنن الدارمي الصلاة (١٥١٢) .