للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع الإقامة. قال أحمد: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة: زمن الفتح ثماني عشرة؛ لأنه أراد حنينا ولم يكن تم إجماع المقام، وهذه إقامته التي رواها ابن عباس، وهو دليل على خلاف قول عائشة والحسن. والله أعلم.

وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله لما سئل عن رجل مسافر إلى بلد، ومقصوده أن يقيم مدة شهر أو أكثر فهل يتم الصلاة أم لا؟

فأجاب: إذا نوى أن يقيم بالبلد أربعة أيام فما دونها قصر الصلاة، كما «فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة. فإنه أقام بها أربعة أيام يقصر الصلاة» . وإن كان أكثر ففيه نزاع. والأحوط أن يتم الصلاة.

وأما إن قال: غدا أسافر، أو بعد غد أسافر. ولم ينو المقام فإنه يقصر أبدا، فإن «النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضعة عشر يوما يقصر الصلاة، وأقام بتبوك عشرين ليلة يقصر الصلاة (١) » . والله أعلم.

وسئل عن رجل جرد إلى الخربة لأجل الحمى وهو يعلم أنه يقيم مدة شهرين، فهل يجوز له القصر؟ وإذا جاز القصر، فالإتمام أفضل أم القصر؟

فأجاب: الحمد لله.. هذه المسألة فيها نزاع بين العلماء، منهم من يوجب الإتمام، ومنهم من يوجب القصر، والصحيح: أن كلاهما سائغ فمن قصر لا ينكر عليه، ومن أتم لا ينكر عليه.

وكذلك تنازعوا في الأفضل: فمن كان عنده شك في جواز القصر فأراد الاحتياط، فالإتمام أفضل، وأما من تبينت له السنة، وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحد السفر بزمان أو بمكان، ولا حد الإقامة أيضا بزمن محدود، لا ثلاثة ولا أربعة، ولا اثنا عشر، ولا


(١) سنن أبو داود الصلاة (١٢٣٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢٩٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>