للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون حجة عليكم أقرب، فإنه إنما أذن له فيه وملكه متفرقا لا مجموعا، فإذا جمع ما أمر بتفريقه فقد تعدى حدود الله وخالف ما شرعه؛ ولهذا قال من قال من السلف: (رجل أخطأ السنة، فيرد إليها فهذا أحسن من كلامهم وأبين وأقرب إلى الشرع والمصلحة) ثم هذا ينتقض عليكم بسائر ما ملكه الله تعالى العبد، وأذن فيه متفرقا، فأراد أن يجمعه؛ كرمي الجمار الذي إنما شرع له مفرقا، واللعان الذي شرع كذلك، وأيمان القسامة التي شرعت كذلك، ونظير قياسكم هذا أن له أن يؤخر الصلوات كلها ويصليها في وقت واحد؛ لأنه جمع ما أمر بتفريقه، على أن هذا قد فهمه كثير من العوام يؤخرون صلاة اليوم إلى الليل ويصلون الجميع في وقت واحد، ويحتجون بمثل هذه الحجة بعينها، ولو سكتم عن نصرة المسألة بمثل ذلك لكان أقوى لها.

وقال القرطبي: وحجة الجمهور من جهة اللزوم من حيث النظر ظاهرة جدا، وهو: أن المطلقة ثلاثا لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجا غيره، ولا فرق بين مجموعها ومفرقها لغة وشرعا، وما يتخيل من الفرق صوري ألغاه الشارع اتفاقا في النكاح والعتق والأقارير، فلو قال الولي: أنكحتك هؤلاء الثلاث في كلمة واحدة انعقد كما لو قال: أنكحتك هذه وهذه وهذه، وكذا في العتق والإقرار وغير ذلك من الأحكام. نقله عنه ابن حجر العسقلاني (١) .

ويرد عليه بأن من قال: أحلف بالله ثلاثا لا يعد حلفه إلا يمينا واحدة


(١) [فتح الباري] (٩\ ٣٦٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>