للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائدا إلى المطلق المفهوم من قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (١) وهو في نظم الكلام متعين له شرعا، لا يجوز عوده إلى غيره شرعا، وأن يكون تقدير الكلام: فإن طلقها مرة ثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وقد تبين أن معنى هذا الكلام وتقديره: أن الطلاق الرجعي مرتان، فإن طلقها بعدهما مرة ثالثة فلا تحل له بعدهما حتى تنكح زوجا غيره، فلم يشرع الله التحريم إلا بعد المرة الثالثة من الطلاق، والمرة الثالثة لا تكون إلا بعد مرتين شرعا ولغة وعرفا وإجماعا، إلا ما وقع في هذه المسألة بقضاء الله وقدره. انتهى.

وقد سبقت مناقشة هذا الدليل في المسألة الأولى، والإجابة عنه في كلام الباجي ص ٣٠٨، وما ذكر عن شيخ الإسلام في ص ٣١٣ وكلام ابن القيم في ص ٣١٨- ٣٢٠.

الدليل الثاني: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} (٢) إلى قوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٣)

قال ابن القيم: الاستدلال بالآية من وجوه:

الوجه الأول: أنه سبحانه وتعالى إنما شرع أن تطلق لعدتها، أي: لاستقبال عدتها فتطلق طلاقا يعقبه شروعها في العدة؛ ولهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته في حيضها أن يراجعها، وتلا هذه الآية تفسيرا للمراد بها، وأن المراد بها الطلاق في قبل العدة، وكذلك كان يقرؤها عبد الله بن عمر؛ ولهذا قال كل من قال بتحريم جمع


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) سورة الطلاق الآية ١
(٣) سورة الطلاق الآية ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>