للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم - قد أفتوا بأن من طلق ثلاثا في كلمة واحدة لا يلزمه سوى طلقة واحدة، فيتوقف الاستدلال به على ثبوت السند إليهم بذلك ولم يثبت.

وقد تعقبه أبو بكر بن العربي في كتابه [الناسخ والمنسوخ] ونقله عنه ابن القيم قال (١) : قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٢) زل قوم في آخر الزمان فقالوا: إن الطلاق الثلاث في كلمة واحدة لا يلزم، وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول، فحكوه عن علي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عباس، وعزوه إلى الحجاج بن أرطأة الضعيف المنزلة المغموز المرتبة، ورووا في ذلك حديثا ليس له أصل، وغوى قوم من أهل المسائل فتتبعوا الأهواء المبتدعة فيه، وقالوا: إن قوله: أنت طالق ثلاثا كذب؛ لأنه لم يطلق ثلاثا، كما لو قال: طلقت ثلاثا ولم يطلق إلا واحدة، وكما لو قال: أحلف ثلاثا كانت يمينا واحدة.

ومر أبو بكر بن العربي إلى أن قال: وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد، وقد أدخل مالك في [موطئه] عن علي: أن الحرام ثلاث لازمة في كلمة فهذا في معناها، فكيف إذا صرح بها!؟ وأما حديث الحجاج بن أرطأة فغير مقبول في الملة، ولا عند أحد من الأئمة.

قال ابن العربي: لم يعرف في هذه المسألة خلاف إلا عن قوم انحطوا عن رتبة التابعين وقد سبق العصران الكريمان بالاتفاق على لزوم الثلاث،


(١) [مختصر سنن أبي دواد ومعه التهذيب والمعالم] (٣\١٢٨) .
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>