فعوقبوا بلزومه، بخلاف ما كانوا عليه قبل ذلك، فإنهم لم يكونوا مكثرين من فعل المحرم، وهذا كما أنهم لما أكثروا شرب الخمر واستخفوا بحدها، كان عمر يضرب فيها ثمانين، وينفي فيها، ويحلق الرأس، ولم يكن ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكما قاتل علي بعض أهل القبلة ولم يكن ذلك على عهد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -، والتفريق بين الزوجين هو مما كانوا يعاقبون به أحيانا: إما مع بقاء النكاح، وإما بدونه، فالنبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - فرق بين الثلاثة الذين خلفوا وبين نسائهم حتى تاب الله عليهم من غير طلاق، والمطلق ثلاثا حرمت عليه امرأته حتى تنكح زوجا غيره عقوبة له ليمتنع عن الطلاق.
وعمر بن الخطاب ومن وافقه- كمالك وأحمد في إحدى الروايتين- حرموا المنكوحة في العدة على الناكح أبدا؛ لأنه استعجل ما أحله الله فعوقب بنقيض قصده، والحكمان لهما عند أكثر السلف أن يفرقا بينهما بلا عوض إذا رأيا الزوج ظالما معتديا، لما في ذلك من منعه من الظلم ودفع الضرر عن الزوجة، ودل على ذلك الكتاب والسنة والآثار، وهو قول مالك وأحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وإلزام عمر بالثلاث لما أكثروا منه: إما أن يكون رآه عقوبة تستعمل وقت الحاجة، إما أن يكون رآه شرعا لازما، لاعتقاده أن الرخصة كانت لما كان المسلمون لا يوقعونه إلا قليلا.
وهكذا كما اختلف كلام الناس في نهيه عن المتعة: هل كان نهي اختيار؛ لأن إفراد الحج بسفرة والعمرة بسفرة كان أفضل من التمتع، أو