للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ما روى مخرمة بن بكير عن أبيه: قال: سمعت محمود بن لبيد، قال: أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا، فقال: «فعلته لاعبا ثم قال: تلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حتى قام رجل فقال: يا رسول الله، ألا أقتله؟ (١) » وإسناده على شرط مسلم، ودلالة متنه على المنع ظاهرة.

وأعترض عليه: أولا: بأن مخرمة لم يسمع من أبيه، وإنما هو كتاب.

وعورض ذلك: بقول من قال سمع من أبيه، ومعه زيادة علم وإثبات فيقدم، وعلى تقدير أنه لم يسمع من أبيه، وإنما رواه من كتابه وكان كتاب أبيه عنده محفوظا مضبوطا- فقد انعقد الإجماع على قبول الكتاب والعمل به إذا صح عند راويه أنه من كتابة شيخه، بل الرواية من الكتاب المصون أوثق، فإن الحفظ يخون والنسخة الثابتة المحفوظة لا تخون، وقد أطال ابن القيم الكلام على توثيق مخرمة، واعتبار الرواية من الكتاب وصحة الاحتجاج بها.

واعترض ثانيا: بأن محمود بن لبيد وإن كان صحابيا إلا أنه لم يثبت له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فروايته عنه مرسلة.

وأجيب: بأن مرسل الصحابي مقبول، فصح الاحتجاج بالحديث.

ومنها: حديث عبادة بن الصامت: «أن قوما جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أبانا طلق امرأته ألفا، فقال: بانت امرأته بثلاث في معصية لله، وبقي تسعمائة وسبعة وتسعون وزرا في عنقه إلى يوم القيامة» .


(١) سنن النسائي الطلاق (٣٤٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>