للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لحدود الله، وانتشر ذلك عنهم دون نكير، فكان إجماعا على المنع من جمع ثلاث طلقات فأكثر دفعة.

وأما المعنى: فمن وجهين:

الأول: أن النكاح عقد مصلحة، والطلاق إبطال له، فكان مفسدة، والله لا يحب الفساد.

الثاني: أن النكاح عقد مسنون، بل واجب، وفي الطلاق قطع للسنة أو تفويت للواجب، فكان الأصل فيه الحظر أو الكراهة، إلا أنه رخص فيه للدواعي الطارئة كتوقع مفسدة من استمرار النكاح أشد من مفسدة الطلاق، فيرتكب أخف المفسدتين تفاديا لأشدهما، لكن يقتصر من ذلك على طلقة واحدة، إذ بها تندفع المفسدة، وما زاد عليها فيبقى على الأصل، وهو المنع، ويشهد لكون الأصل في الطلاق الحظر حديث: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة (١) » رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.

وأما القياس: فلأن التطليق ثلاثا دفعة فيه تحريم البضع من غير حاجة فأشبه الظهار، فكان ممنوعا، ولأن فيه ضررا وإضرارا بنفسه وبامرأته، فأشبه الطلاق في الحيض فكان ممنوعا.

٢ - القول الثاني: أن جمع الطلاق الثلاث في كلمة ليس بمحرم ولا بدعة:

وبه قال الشافعي وأبو ثور وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وجماعة من أهل الظاهر.


(١) سنن الترمذي الطلاق (١١٨٧) ، سنن أبو داود الطلاق (٢٢٢٦) ، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٨٣) ، سنن الدارمي الطلاق (٢٢٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>