للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا فقد كان المشهور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إيقاع الطلاق متفرقا، أما إيقاعه مجموعا فقد كان قليلا ومنكرا، وحمل اللفظ على الكثير الحق أقرب من حمله على القليل المنكر.

ثالثا: حديث فاطمة بنت قيس، فإن زوجها طلقها ثلاثا مجموعة، وقد تقدم الكلام فيه وفي مثله توجيها وإجابة، إلا أنه ذكر هنا زيادة في رواية مجالد بن سعيد عن الشعبي: أن زوجها طلقها ثلاثا جميعا.

وأجيب عنها: بأنها قد تفرد بها مجالد عن الشعبي وهو ضعيف، وعلى تقدير الصحة فكلمة (جميعا) في الغالب لتأكيد العدد، فالمعنى حصول الطلاق الذي يملكه جميعه لا اجتماعه، كما في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} (١)

فالمراد: حصول الإيمان من جميعهم لا حصوله منهم في وقت واحد. وذكر بعضهم: أن تعبير فاطمة بنت قيس عن كيفية طلاقها مختلف الصيغة ولم يفرق بينهما الصحابة في الحكم وإلا لاستفسروا عما فيها من إجمال.

وأجيب: بأن الإجمال زال برواية طلقها آخر ثلاث تطليقات، ورواية أرسل إليها بطلقة كانت بقيت لها.

رابعا: حديث ركانة، فإنه طلق امرأته سهيمة البتة، واستفسره النبي صلى الله عليه وسلم عما أراد، واستحلفه عليه فحلف ما أراد إلا واحدة، فردها عليه، فدل على أنه لو أراد أكثر لأمضاه عليه، إذ لو لم يفترق الحكم لما استفسره ولا


(١) سورة يونس الآية ٩٩

<<  <  ج: ص:  >  >>