من المصلحة في زمانه؛ ليكفوا عما تتابعوا فيه من جمع الطلاق الثلاث، ويرجعوا إلى ما جعل الله لهم من الفسحة والأناة رحمة منه بهم، ولما علم الصحابة منه حسن سياسته لرعيته وافقوه على ذلك، وأفتوا به رعاية لما رآه من المصلحة؛ ولذا صرحوا لمن استفتاهم في هذا الأمر بأنه عصى ربه ولم يتقه، فلم يجعل له مخرجا، ولم يجعل ذلك الإمضاء شرعا لازما مستمرا؛ لأنه مما تتغير الفتوى به بتغير الزمان والأحوال، بل جعل العقوبة به تقريرا لمن خالف ما أمر به كالنفي، ومنعه صلى الله عليه وسلم المخلفين الثلاثة من نسائهم مدة من الزمن، والضرب في الخمر، ونحو هذا مما يختلف التعزير فيه باختلاف الزمان والأحوال، وكان هذا من الخليفة اجتهادا.
وأما القياس: فهو أن النكاح ملك للزوج فتصح إزالته مجتمعا كما صحت إزالته متفرقا وأن الله جعله بيده يزيل منه ما شاء ويبقي ما شاء، كالعتق وعقد النكاح.
وأجيب: بأنه قياس مع الفارق فإن الطلاق جعل إليه ليوقعه متفرقا على كيفية معينة، ومنعه من جمعه؛ لما تقدم في المسألة الأولى، فلا يصح قياس جمعه على تفريقه، ولا على العتق، ولا عقد النكاح على أكثر من واحدة وما أشبهها، مما شرع له إيقاعه مجتمعا ومتفرقا.