للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقوله تعالى بعد: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (١) وأما قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٢) فالضمير المرفوع والمنصوب فيه عائدان إلى المطلق والمطلقة فيما سبق، لئلا يخلو الكلام عن مرجع لهما؛ ولأن الطلاق وقع بعد الشرط والحل بعد النفي، فدل على العموم، فلو كانت هذه الجملة مستقلة عما قبلها للزم تحريم كل مطلقة ولو طلقة أو طلقتين حتى تنكح زوجا آخر، وهو باطل بإجماع، وإذا فمعنى الآية: فإن طلقها مرة ثالثة بلفظ واحد طلقة أو ثلاثا فلا تحل له حتى تتزوج غيره، وبهذا يدل عموم الآية على اعتبار الثلاث بلفظ واحد طلقة، وقد سبقت مناقشة هذا الدليل.

ثانيا: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٣) وقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٤)

وبيان أن الجمهور استدلوا بها من وجوه على تحريم جمع الثلاث، وإذا فلا يقع منها مجموعة إلا ما كان مشروعا وهو الواحدة.

وأجيب: بأن التحريم لا يناقض إمضاء الثلاث، فكم من عبادة أو عقد مشروع ارتكب فيه مخالفة فقيل لصاحبه: عصى، وصحت عبادته، ومضى عقده، وعلى تقرير المناقضة فهو يمنع من إمضاء الواحدة أيضا لوقوع الطلاق على خلاف ما شرع الله، وذلك ما لا يقول به أحد من


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٠
(٣) سورة الطلاق الآية ١
(٤) سورة الطلاق الآية ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>