للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثابت في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يزل العمل عليه عند كل الصحابة في خلافة الصديق إلى سنتين أو ثلاث من خلافة عمر رضي الله عنهما، إما فتوى أو إقرارا أو سكوتا؛ ولهذا ادعى بعض أهل العلم أنه إجماع قديم، لم تجمع الأمة على خلافه بعد، بل لم يزل في الأمة من يفتي بجعل الثلاث واحدة؛ ولم ينقل حديث صحيح يصلح أن يعتمد عليه في نسخ حديث ابن عباس ويكون مستندا لما ذكر من الإجماع، بل الذي روي في ذلك إما في غير الموضوع، وإما في الموضوع لكنه ضعيف أو مكذوب، ومع هذا فقد ثبت عن عكرمة عن ابن عباس ما يوافق حديث طاوس مرفوعا وموقوفا على ابن عباس، فالمرفوع هو: أن ركانة طلق امرأته ثلاثا فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ما يخالفه مرفوعا، وقد سبقت مناقشة حديث ركانة، وستأتي بقيتها، ولا نكارة في إمضاء عمر للثلاث باجتهاده، ولا على غيره من الصحابة ممن وافق اجتهادهم اجتهاده في إمضائها، وقد بين عمر وابن عباس وغيرهما وجه ذلك بأن الناس لما تتابعوا فيما حرم الله عليهم من تطليقهم ثلاثا مجموعة وكثير منهم ذلك على خلاف ما كانوا عليه قبل الزموا بالثلاث عقوبة لهم، ونظير هذا كلما تتغير فيه الفتوى بتغير الأحوال والأزمان والأمكنة كالعقوبة في الخمر، والتفريق بين الذين خلفوا ونسائهم، وقتال علي لبعض أهل القبلة متأولا، ولم يكن الإمضاء شرعا مستمرا إنما كان رهن ظروفه.

وأجيب ثانيا: بتأويل حديث طاوس عن ابن عباس بأن الطلاق الذي كان الناس يوقعونه واحدة في عهده صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وصدر من خلافة

<<  <  ج: ص:  >  >>