وأجيب رابعا: بأن جعل الثلاث واحدة لم يكن عن علم منه صلى الله عليه وسلم ولا عن أمره، وإلا ما استحل ابن عباس أن يفتي بخلافه.
ونوقش: بأن جماهير المحدثين على أن ما أسنده الصحابي إلى عهده صلى الله عليه وسلم له حكم، فإنه على تقدير أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحكم بذلك يستبعد أن يفعله الصحابة وهم خير الخلق، ولا يعلمه صلى الله عليه وسلم والوحي ينزل، ثم كيف يستمر العمل من الأمة على خطأ في عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، والأمة معصومة من إجماعها على الخطأ.
وأجيب خامسا: بحمل الحديث على صورة تكرير لفظ الطلاق فإنه يعتبر واحدة مع قصد التوكيد، وثلاثا مع قصد الإيقاع، وكان الصحابة خيارا أمناء فصدقوا فيما قصدوا، فلما تغيرت الأحوال وفشا إيقاع الثلاث جملة بلفظ واحد، ألزمهم عمر الثلاث في صورة التكرار؛ إذ صار الغالب عليهم قصدها.
ونوقش: بأن حمل الحديث على ذلك خلاف الظاهر، فإن الحكم لم يتغير في صورة التكرار فيما بعد عما كان عليه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، بل الأمر لم يزل على اعتباره واحدة في هذه الصورة عند قصد التوكيد، ومن ينويه لا يفرق بين بر وفاجر وصادق وكاذب، ومن لا ينويه في الحكم لا يقبل منه مطلقا برا أم فاجرا، وأيضا قول عمر: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة. إلخ - يرد حمل الحديث على هذه الصورة -، فإن معناه: أن الناس استعجلوا فيما شرعه