ملحة، وأنه يكفي تغطية بعضها، فإنا نجد أن الغالب في النقد الورقي أنه غير مغطى بنقد معدني، وإنما غطاؤه التزام سلطاني بضمان قيمته في حال تعرضه للبطلان، وإذن فلا يصلح هذا الدليل سندا لهذا القول.
ثالثا: أما انتفاء القيمة الذاتية لهذه الأوراق النقدية فقد سبق لنا تعريف النقد بأنه أي شيء يلقى قبولا عاما كوسيط للتبادل، كما سبقت الإشارة إلى بعض أقوال أهل العلم الشرعي المؤيدة لهذا التعريف، وعليه فمتى ثبت للأوراق النقدية القابلية العامة لتكون وسيطا فلا فرق بين أن تكون قيمتها في ذاتها أو في خارج عنها، ويؤيد هذا أن سلطات سك النقود المعدنية جرت على أن تجعل للنقود المعدنية قيما أكثر من قيمتها الذاتية؛ حفاظا على بقائها ومنعا من صهرها سبائك معدنية، ومتى كنا نرى جزءا من قيمة النقد المعدني ليس له مقابل إلا الالتزام السلطاني، ولم نقل بأن الزيادة على قيمته الذاتية سند على الدولة فليبطل القول بأن الأوراق النقدية سند على الدولة على أن هذا القول لا يعني انتفاء مسئولية الدولة عن الهيمنة على ثبات قيمتها في حدود المستوى الاقتصادي العام أو ضمان قيمتها في حال إبطالها.
رابعا: أما ضمان سلطات إصدارها قيمتها وقت إبطالها وتحريم التعامل بها، فهذا سر اعتبارها والثقة بتمولها وتداولها، إذ أن قيمتها ليست في ذاتها وإنما هي في ضمان السلطات لها وليس في هذا دلالة على اعتبارها أسنادا بديون على مصدريها ما دام الوفاء بسدادها نقدا معدنيا عند الطلب مستحيلا.