وأجيب سابعا: بأن المراد بالطلاق الثلاث في الحديث بلفظ ألبتة؛ لاشتهارها في الثلاث عند أهل المدينة، فرواه بعض رواته بالمعنى، فعبر بالثلاث بدلا من ألبتة، وفي هذا جمع بين الروايات، وكان يراد بها واحدة كما أراد بها ركانة، فلما تتابع الناس في إرادة الثلاث بها ألزمهم إياها عمر رضي الله عنه، ونظيره زيادته الضرب في شرب الخمر حين تتابع الناس فيه.
وقد يقال: إن هذا تأويل على خلاف الظاهر بلا دليل، وأيضا تقدم في كلام الشافعي أن كلمة ألبتة مستحدثة، وعلى ذلك لا يجوز حمل لفظ الطلاق الثلاث في الحديث عليها.
وأجيب ثامنا: بأنه حديث شاذ؛ لانفراد طاوس به عن ابن عباس، وانفراد الراوي بالحديث - وإن كان ثقة - علة توجب التوقف فيه إذا لم يرو معناه من وجه يصح.
ونوقش: بأن مجرد انفراد الثقة برواية الحديث ليس علة توجب رده أو التوقف، ولا يسمى هذا شذوذا عند علماء الحديث، إنما الشذوذ الذي يكون علة في رد الحديث هو: أن يخالف الثقة الثقاة مخالفة لا يمكن معها الجمع، ولم يخالف طاوس في رواية هذا الحديث أحدا من الرواة الثقاة عن ابن عباس في هذا الموضوع، وإنما وقعت المخالفة بين ما رواه وما أفتى به، وقد مضى الكلام في ذلك، لكن لقائل أن يقول: إن استمرار العمل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر، بجعل الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة وتغيير عمر لذلك على علم من