ونوقش: بأن الاضطراب إنما يحكم به على الحديث إذا لم يمكن الجمع ولا الترجيح وكلاهما ممكن فيما نحن فيه، فإن الرواية عن أبي الجوزاء وهم فيها عبد الله بن المؤمل، حيث انتقل في روايته الحديث عن ابن أبي مليكة من أبي الصهباء إلى أبي الجوزاء، وقد كان سيئ الحفظ فلا تعارض بها رواية الثقات عن أبي الصهباء، وأما روايته عن طاوس عن ابن عباس وعن طاوس عن أبي الصهباء وعن ابن عباس - فكلاهما ممكن، فلا تعارض ولا اضطراب، وأما اختلاف المتن فتقدم بيان الجمع بين الروايتين فلا اضطراب.
وأجيب عاشرا: بمعارضته بالإجماع، والإجماع معصوم فيقدم وقد تقدمت مناقشة ذلك.
ومن السنة أيضا: ما رواه الإمام أحمد في [مسنده] عن سعد بن إبراهيم، حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: «طلق ركانة بن عبد يزيد أخو بني المطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا، قال: فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثا، قال: فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم، قال: فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت قال: فراجعها (١) » ، فكان ابن عباس يرى الطلاق عند كل طهر، وقد صحح الإمام أحمد هذا الإسناد، واستدل بما روى به في رد ابنته صلى الله عليه وسلم على زوجها ابن أبي العاص بالنكاح الأولى، وقدمه على ما يخالفه فهو حجة ما لم
(١) سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٦) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٦٥) .