للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرشكم أحدا (١) » إنما هو أن لا يمكن من أنفسهن أحدا سواكم.

وإذا ما روينا في ذلك صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين أن لزوج المرأة إذا أوطأت امرأته نفسها غيره وأمكنت من جماعها سواه -أن له من منعها الكسوة والرزق بالمعروف مثل الذي له من منعها ذلك إذا هي عصته في المعروف، وإذا كان ذلك له، فمعلوم أنه غير مانع لها -بمنعه إياها ما له منعها- حقا لها واجبا عليه، وإذا كان ذلك كذلك، فبين أنها إذا افتدت نفسها عند ذلك من زوجها، فأخذ منها زوجها ما أعطته، أنه لم يأخذ ذلك عن عضل منهي عنه، بل هو أخذ ما أخذ منها عن عضل له مباح، وإذا كان ذلك كذلك، كان بينا أنه داخل في استثناء الله تبارك وتعالى الذي استثناه من العاضلين بقوله: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٢)

وإذا صح ذلك فبين فساد قول من قال: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٣) منسوخ بالحدود؛ لأن الحد حق الله جل ثناؤه على من أتى بفاحشة التي هي الزنا، وأما العضل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو ببعضه، فحق لزوجها كما أن عضله إياها وتضييقه عليها إذا هي نشزت عليه لتفتدي منه، حق له، وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر.

قال أبو جعفر: فمعنى الآية: لا يحل لكم، أيها الذين آمنوا، أن تعضلوا نساءكم فتضيقوا عليهن وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف {لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (٤) من صدقاتكم {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} (٥)


(١) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٢١) ، موطأ مالك الحج (٨٣٦) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (١٨٥٠) .
(٢) سورة النساء الآية ١٩
(٣) سورة النساء الآية ١٩
(٤) سورة النساء الآية ١٩
(٥) سورة النساء الآية ١٩

<<  <  ج: ص:  >  >>