للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى ينقلا إلى الحاكم ما عرفاه من أمرهما، فيكون قولهما مقبولا في ذلك إذا اجتمعا، وينهى الظالم منهما عن ظلمه، فجائز أن يكونا سميا حكمين لقبول قولهما عليهما، وجائز أن يكونا سميا بذلك؛ لأنهما إذا خلعا بتوكيل منهما وكان ذلك موكلا إلى رأيهما وتحريهما للصلاح -سميا حكمين؛ لأن اسم الحكم يفيد تحري الصلاح فيما جعل إليه وإنفاذ القضاء بالحق والعدل، فلما كان ذلك موكولا إلى رأيهما وأنفذا على الزوجين حكما من جمع أو تفريق - مضى ما أنفذاه، فسميا حكمين من هذا الوجه.

فلما أشبه فعلهما فعل الحاكم في القضاء عليهما بما وكلا به على جهة تحري الخير والصلاح -سميا حكمين، ويكونان مع ذلك وكيلين لهما، إذ غير جائز أن تكون لأحد ولاية على الزوجين مع خلع أو طلاق إلا بأمرهما، وزعم أن عليا إنما ظهر منه النكير على الزوج؛ لأنه لم يرض بكتاب الله. قال: ولم يأخذه بالتوكيل، وإنما أخذه بعدم الرضا بكتاب الله.

وليس هذا على ما ذكر؛ لأن الرجل لما قال: أما الفرقة فلا، قال علي: كذبت أما والله لا تنفلت مني حتى تقر كما أقرت، فإنما أنكر على الزوج ترك التوكيل بالفرقة، وأمره بأن يوكل بالفرقة، وما قال الرجل: لا أرضى بكتاب الله حتى ينكر عليه، وإنما قال: لا أرضى بالفرقة بعد رضا المرأة بالتحكيم، وفي هذا دليل على أن الفرقة عليه غير نافذة إلا بعد توكيله بها، قال: ولما قال: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (١) علمنا أن الحكمين يمضيان أمرهما وأنهما إن قصدا الحق وفقهما الله للصواب من


(١) سورة النساء الآية ٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>