ففي كتاب [الأم] للشافعي ما نصه: قال الله تبارك وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا}(١) الآية، قال: الله أعلم بمعنى ما أراد من خوف الشقاق الذي إذا بلغاه أمره أن يبعث حكما من أهله وحكما من أهلها، والذي يشبه ظاهر الآية أنه فيما عم الزوجين معا حتى يشتبه فيه حالاهما، وذلك أني وجدت الله عز وجل أذن في نشوز الزوج أن يصطلحا، وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأذن في نشوز المرأة بالضرب، وأذن في خوفهما أن لا يقيما حدود الله بالخلع، ودلت السنة أن ذلك برضا من المرأة وحظر أن يأخذ الرجل مما أعطى شيئا إذا أراد استبدال زوج مكان زوج، فلما أمر فيمن خفنا الشقاق بينهما بالحكمين دل ذلك على أن حكمهما غير حكم الأزواج غيرهما، وكان يعرفهما بإباية الأزواج أن يشتبه حالاهما في الشقاق فلا يفعل الرجل الصفح ولا الفرقة ولا المرأة تأدية الحق ولا الفدية أو تكون الفدية لا تجوز من قبل مجاوزة الرجل ما له من أدب المرأة وتباين حالهما في الشقاق.
والتباين هو: ما يصيران فيه من القول والفعل إلى ما لا يحل لهما ولا يحسن، ويمتنعان كل واحد منهما من الرجعة ويتماديان فيما ليس لهما، ولا يعطيان حقا لا يتطوعان ولا واحد منهما بأمر يصيران به في معنى