فقال في أحد القولين: هما وكيلان فلا يملكان التفريق إلا بإذنهما؛ لأن الطلاق إلى الزوج وبذل المال إلى الزوجة فلا يجوز إلا بإذنهما.
وقال في القول الآخر: هما حاكمان فلهما أن يفعلا ما يريان من الجمع والتفريق بعوض وغير عوض؛ لقوله عز وجل:{فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}(١) فسماهما حكمين، ولم يعتبر رضا الزوجين.
وروى أبو عبيدة: أن عليا رضي الله تعالى عنه بعث رجلين فقال لهما: أتدريان ما عليكما؟ ! عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما) ، فقال الرجل: أما هذا فلا، فقال: كذبت، لا والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله عز وجل لك وعليك، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي.
ولأنه وقع الشقاق واشتبه الظالم منهما فجاز التفريق بينهما من غير رضاهما كما لو قذفها وتلاعنا، والمستحب أن يكون حكما من أهله وحكما من أهلها للآية، لأنه روي أنه وقع بين عقيل بن أبي طالب وبين زوجته شقاق وكانت من بني أمية، فبعث عثمان رضي الله تعالى عنه حكما من أهله، وهو: ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وحكما من أهلها، وهو: معاوية رضي الله تعالى عنه، ولأن الحكمين من أهلهما أعرف بالحال، وإن كان من غير أهلهما جاز؛ لأنهما في أحد القولين حاكمان، وفي الآخر