وذهب جمهور الحنابلة إلى القول بنفي الشفعة عن الخلطة بالوقف: لأن من شروط الأخذ بالشفعة: أن يكون الشفيع مالكا لما يشفع به، والوقف لا يعتبر ملكا تماما لمن هو بيده، سواء كان ناظرا أو موقوفا عليه؛ لأنه ليس مطلق التصرف فيه.
قال ابن قدامة رحمه الله: ولا شفعة بشركة الوقف، ذكره القاضيان: ابن أبي موسى، وأبو يعلى، وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ لأنه لا يؤخذ بالشفعة فلا تجب فيه كالمجاور وغير المنقسم؛ ولأننا إن قلنا: هو غير مملوك، فالموقوف عليه غير مالك، وإن قلنا: هو مملوك فملكه غير تام؛ لأنه لا يفيد إباحة التصرف في الرقبة، فلا يملك به ملكا تاما. وقال أبو الخطاب: إن قلنا: هو مملوك وجبت به الشفعة؛ لأنه مملوك بيع في شركة شقص فوجبت الشفعة كالطلق، ولأن الضرر يندفع عنه بالشفعة كالطلق، فوجبت فيه كوجوبها في الطلق، وإنما لم يستحق بالشفعة؛ لأن الأخذ بها بيع، وهو مما لا يجوز بيعه. اهـ (١) .
وللشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله رأي في ثبوت الشفعة به فقد قال ما نصه:
فلو باع الشريك الذي ملكه طلق فلشريكه الذي نصيبه وقف الشفعة؛ لعموم الحديث المذكور ووجود المعنى، بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررا من صاحب الطلق؛ لتمكن المالك من البيع،