للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجملتهم؛ لأنها ليست كلية إذ يحصل بها هلاك عدد محصور، وليس ذلك كاستئصال كافة المسلمين؛ لأنه ليس يتعين واحد للإغراق إلا أن يتعين بالقرعة، ولا أصل لها. وكذلك جماعة في مخمصة لو أكلوا واحدا بالقرعة لنجوا، فلا رخصة فيه؛ لأن المصلحة ليست كلية، وليس في معناها قطع اليد للأكلة حفظا للروح، فإنه تنقدح الرخصة فيه؛ لأنه إضرار به لمصلحته، وقد شهد الشرع للإضرار بشخص في قصد صلاحه كالفصد والحجامة وغيرهما، وكذا قطع المضطر قطعة من فخذه إلى أن يجد الطعام فهو كقطع اليد، لكن ربما يكون القطع لسبب ظاهرا في الهلاك، فيمنع منه؛ لأنه ليس فيه يقين الخلاص، فلا تكون المصلحة قطعية.

وبعد أن ذكر حكم الضرب في التهمة وقتل الزنديق ولو تاب، والساعي في الأرض بالفساد بالدعوة إلى البدعة وإغراء الظلمة بالناس وأموالهم وحرماتهم ودمائهم وإثارة الفتن ... قال: (فإن قيل) : فإذا تترس الكفار بالمسلمين فلا نقطع بتسلطهم على استئصال الإسلام لو لم يقصد الترس، بل يدرك ذلك بغلبة الظن (قلنا) : لا جرم، ذكر العراقيون في المذهب وجهين في تلك المسألة، وعللوا بأن ذلك مظنون، ونحن إنما نجوز ذلك عند القطع أو الظن القريب من القطع (١) ، والظن القريب من القطع إذا صار كليا، وعظم الخطر فيه فتحتقر الأشخاص الجزئية بالإضافة إليه. (فإن قيل) : إن في توقفنا عن الساعي في الأرض بالفساد ضررا كليا بتعريض أموال المسلمين ودمائهم للهلاك، وغلب ذلك على الظن بما عرف من


(١) والظن: القريب من القطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>