للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن يتحين بالرمي حال التحام الحرب.

فصل: ولو وقفت امرأة في صف الكفار أو على حصنهم فشتمت المسلمين أو تكشفت لهم جاز رميها قصدا؛ لما روى سعيد: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة قال: «لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف أشرفت امرأة فكشفت عن قبلها، فقال: ها دونكم فارموها فرماها رجل من المسلمين فما أخطأ ذلك منها» .

ويجوز النظر إلى فرجها للحاجة إلى رميها؛ لأن ذلك من ضرورة رميها، وكذلك يجوز رميها إذا كانت تلتقط لهم السهام أو تسقيهم الماء أو تحرضهم على القتال؛ لأنها في حكم المقاتل، وهكذا الحكم في الصبي والشيخ وسائر من منع قتله منهم.

وإن تترسوا بمسلم ولم تدع حاجة إلى رميهم؛ لكون الحرب غير قائمة أو لإمكان القدرة عليهم بدونه، أو للأمن من شرهم لم يجز رميهم، فإن رماهم فأصاب مسلما فعليه ضمانه، وإن دعت الحاجة إلى رميهم للخوف على المسلمين جاز رميهم؛ لأنها حال ضرورة ويقصد الكفار، وإن لم يخف على المسلمين لكن لم يقدر عليهم إلا بالرمي، فقال الأوزاعي والليث: لا يجوز رميهم؛ لقول الله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} (١) الآية. قال الليث: ترك فتح حصن يقدر على فتحه أفضل من قتل مسلم بغير حق، وقال الأوزاعي: كيف يرمون من لا يرونه؟ إنما يرمون أطفال المسلمين، وقال القاضي والشافعي: يجوز رميهم إذا كانت الحرب قائمة؛ لأن تركه


(١) سورة الفتح الآية ٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>