للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام في مثل هذا استعمل القرعة مع أصحاب السفينة، كما قال الله تعالى: {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (١) ؛ وذلك لأنه علم أنه هو المقصود، ولكن لو ألقى نفسه في الماء ربما نسب إلى ما لا يليق بالأنبياء، فاستعمل القرعة، كذلك زكريا عليه السلام، استعمل القرعة مع الأحبار في ضم مريم إلى نفسه مع علمه بكونه أحق بها منهم؛ لكون خالتها عنده تطييبا لقلوبهم، كما قال الله تعالى: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (٢) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه إذا أراد السفر تطييبا لقلوبهن. انتهى كلامهم.

وعزى في [النهاية] و [معراج الدراية] هذا التفصيل إلى [المبسوط] .

أقول: بين أول كلامهم هذا وآخره تدافع؛ لأنهم صرحوا أولا بأن مشروعية استعمال القرعة ههنا جواب الاستحسان، والقياس يأبى ذلك؛ لكونه في معنى القمار، وقالوا آخرا: إن هذا ليس في معنى القمار، وبينوا الفرق بينه وبين القمار، وذكروا: ورود نظائر له في الكتاب والسنة فقد دل ذلك على أنه ليس مما يأباه القياس أصلا، بل هو مما يقتضيه القياس أيضا فتدافعا. اهـ.

ب - وقال في [كتاب الأم] (كتاب القرعة) : أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: قال الله تعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} (٣) إلى قوله: {يَخْتَصِمُونَ} (٤) وقال الله عز وجل: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٥) {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (٦) {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (٧) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى:


(١) سورة الصافات الآية ١٤١
(٢) سورة آل عمران الآية ٤٤
(٣) سورة آل عمران الآية ٤٤
(٤) سورة آل عمران الآية ٤٤
(٥) سورة الصافات الآية ١٣٩
(٦) سورة الصافات الآية ١٤٠
(٧) سورة الصافات الآية ١٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>