المرض، ويجوز قلع الضرس ونحوه عند التألم الكثير، وأمور كثيرة من هذا النوع أبيحت لما يترتب عليها من حصول مصلحة أو دفع مضرة. وأيضا فإن كثيرا من هذه الأمور المسئول عنها، يترتب عليها المصالح من دون ضرر يحدث، فما كان كذلك فإن الشارع لا يحرمه، وقد نبه الله تعالى على هذا الأصل في عدة مواضع من كتابه، ومنه قوله عن الخمر والميسر:{قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}(١)
فمفهوم الآية: أن ما كانت منافعه ومصالحه أكثر من مفاسده وإثمه، فإن الله لا يحرمه ولا يمنعه، وأيضا فإن مهرة الأطباء المعتبرين متى قرروا تقريرا متفقا عليه أنه لا ضرر على المأخوذ من جسده ذلك الجزء، وعرفنا ما يحصل من ذلك من مصلحة الغير، كانت مصلحة محضة خالية من المفسدة، وإن كان كثير من أهل العلم يجوزون، بل يستحسنون إيثار الإنسان غيره على نفسه بطعام أو شراب هو أحق به منه، ولو تضمن ذلك تلفه أو مرضه ونحو ذلك، فكيف بالإيثار بجزء من بدنه لنفع أخيه النفع العظيم من غير خطر تلف، بل ولا مرض، وربما كان في ذلك نفع له، إذا كان المؤثر قريبا أو صديقا خاصا، أو صاحب حق كبير، أو أخذ عليه نفعا دنيويا ينفعه، أو ينفع من بعده.
ويؤيد هذا أن كثيرا من الفتاوى تتغير بتغير الأزمان والأحوال والتطورات، وخصوصا الأمور التي ترجع إلى المنافع والمضار.