(وقد عرفت من حديث أبي طالب أنها كانت في الجاهلية على أن يؤدي الدية القاتل لا العاقلة، كما قال أبو طالب: إما أن تؤدي مائة من الإبل. فإنه ظاهر أنها من ماله لا من عاقلته، أو يحلف خمسون من قومك، أو تقتل، وهاهنا في قصة خيبر لم يقع شيء من ذلك، فإن المدعى عليهم لم يحلفوا ولم يسلموا الدية ولم يطلب منهم الحلف، وليس هذا قدحا في رواية الراوي من الصحابة، بل في استنباطه؛ لأنه قد أفاد حديثه أنه استنبط قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة من قصة أهل خيبر، وليس في تلك القصة قضاء، وعدم صحة الاستنباط جائز على الصحابي وغيره اتفاقا، وإنما روايته للحديث بلفظه أو بمعناه هي التي يتعين قبولها) اهـ. وقد استشعر الصنعاني إيرادا على قوله:(وعدم صحة الاستنباط جائز على الصحابي وغيره اتفاقا، فأجاب عنه بقوله:
وأما قول أبي الزناد: (قتلنا بالقسامة والصحابة متوافرون إني لأرى أنهم ألف رجل فما اختلف منهم اثنان) .
فإنه قال في [فتح الباري] : (إنما نقله أبو الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت، كما أخرجه سعيد بن منصور والبيهقي في رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، وإلا فأبو الزناد لا يثبت أنه روى عن عشرة من الصحابة فضلا عن ألف) .
قلت: لا يخفى أن تقريره لما رواه أبو الزناد؛ لثبوت ما رواه عن خارجة
(١) سيأتي ما قرره جوابا عن الاستدلال بالدليل الثاني