للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمكن فسيأتي بيانه في رد الأيمان، وقد بسط الكاساني رحمه الله الكلام على تحليف المدعى عليهم مع بيان خلاف أئمة المذهب الحنفي، وفي مقدمتهم أبو حنيفة رحمه الله، فذكرنا كلامه مفصلا.

قال الكاساني: وأما بيان سبب وجوب القسامة والدية: فنقول: سبب وجوبهما هو التقصير في النصرة وحفظ الموضع الذي وجد فيه القتيل ممن وجب عليه النصرة والحفظ؛ لأنه إذا وجب عليه الحفظ فلم يحفظ مع القدرة على الحفظ- صار مقصرا بترك الحفظ الواجب، فيؤخذ بالتقصير زجرا عن ذلك، وحملا على تحصيل الواجب، وكل من كان أخص بالنصرة والحفظ كان أولى بتحمل القسامة والدية؛ لأنه أولى بالحفظ فكان التقصير منه أبلغ، ولأنه إذا اختص بالموضع ملكا أو يدا بالتصرف كانت منفعته له فكانت النصرة عليه، إذ الخراج الضمان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال تبارك وتعالى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (١)

ولأن القتيل إذا وجد في موضع اختص به واحد أو جماعة؛ إما بالملك أو باليد وهو التصرف فيه فيتهمون أنهم قتلوه، فالشرع ألزمهم القسامة دفعا للتهمة، والدية- لوجود القتيل بين أظهرهم. وإلى هذا المعني أشار سيدنا عمر رضي الله عنه حينما قيل: أنبذل أموالنا وأيماننا؟ فقال: (أما أيمانكم فلحقن دمائكم، وأما أموالكم فلوجود القتيل بين أظهركم) ، وإذا عرف هذا فنقول: القتيل إذا وجد في المحلة فالقسامة والدية على أهل المحلة، للأحاديث وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ما ذكرنا.


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>