للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقدر – كما سيأتينا – حجة في المصائب لا في المعايب، فإذا زنيت فلا تقل قدر الله وما شاء فعل وإذا شربت الخمر فلا تقل قدر الله وما شاء فعل، فهذا (الزنا والسرقة) وقع بقدر الله لكنك تقول قدر الله وما شاء فعل نقصد بذلك أن تنفي اللوم عن نفسك وأنت ملوم، وأما إذا سقط عليك حجر أو انهدم جزء من بيتك أو مات لك قريب أو صديق ونحو ذلك فهذه كلها مصايب فتقول قدر الله وما شاء فعل، فالكلام صحيح قدر الله وما شاء فعل فالزاني بقدر وشرب الخمر بقدر ولا يقع شيء إلا بقدر الله لكن ذاك لك فيه اختيار (الزنا وشرب الخمر ... ) فأنت ستعاقب عليه، وأما هذا (موت القريب، سقوط الحجر) فهو اضطرار وقع عليك دون اختيارك ولذلك تقول قدر الله وما شاء فعل.

وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان لا يحصل في قلب الإنسان حتى يؤمن بقدر الرحمن.

(١) ثبت في سنن الترمذي بسند حسن من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن البني صلى الله عليه وسلم قال: [لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه] .

[وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه] فما أصابك هو بقدر الله ولا يمكن أن يزول عنك.

[وما أخطأه لم يكن ليصيبه] فلو فاتك شيء محمود كنت تمناه فقل قدر الله وما شاء فعل لأنه لم يكتب لك في هذا الوقت وقد يكتب لك فيما بعد وقد لا يكتب لك بل لأحد غيرك أيضاً فلن تستطيع أن تنال وتحصل ما فاتك مهما حاولت ولهذا كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام والحديث في المسند وسنن الترمذي وغيرهما – قال لابن عباس عندما كان رديفه: [.... واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، رفعت الأقلام وجفت الصحف] فإذن ما كتبه الله لك وجعله من نصيبك لن يذهب إلى غيرك، وما كتبه لغيرك وجعله من نصيبه لا يمكن أن تناله وتحصله مهما حاولت.