للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول غفرت لكم أي ما تقدم وليس في ذلك دلالة على مغفرة الذنوب المتأخرة وليس في قوله اعملوا ما شئتم أن هذا سيعمل في المستقبل لأن هذا يكون من باب الإطلاق في الذنوب وأنه يعمل ما شاء من العيوب وعليه مهما عملتم من عمل سابق فقد غفرته لكم بعد موقعة بدر قال ولو كان المراد اعملوا في المستقبل ما ستعملون لقال فسأغفر لكم وهذا الكلام مع جلالة من قال به وإمامته وهو شيخ الإسلام لكن الكلام مردود مردود أما قوله غفرت للماضي فنقول اعملوا للمستقبل وهو لم يقل ما عملتم غفرته لكم إنما قال اعملوا فإن قال غفرت للماضي نقول يا عبد الله هذا من باب تحقيق هذه البشارة لهم والله جل وعلا يخبر عن المستقبل بلفظ المضي للإشارة إلى تحقق حصوله كما يستعمل هذا بكثرة في كتابه سبحانه وتعالى {أتى أمر الله فلا تستعجلوه} أتى ثم قال فلا تستعجلوه إذن سيأتي فلا داعي لاستعجاله لكن مجيئه لما كان حتما وجزماً ولا خلف لوعد الله فأخبر الله عن المستقبل بلفظ المضي ولهذا نظائر كثيرة وعليه فقد غفرت لكم لم يقل فسأغفر لكم -سبحانه وتعالى- للإشارة إلى تحقق المغفرة وثبوتها وأنها متيقنة مقطوع بها ثم بعد ذلك نقول للإمام ابن الجوزي -عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا- أنت غفلت عن سبب ورود الحديث إن الحديث ورد بعد موقعة بدر بست سنين وقع في العام الثامن هذا الحديث وهذه البشارة ولم يبشر بها أهل بدر بعد موقعة بدر فموقعة بدر وقعت في العام الثاني للهجرة وهذه البشارة قالها نبينا -عليه الصلاة والسلام- في العام الثامن عند فتح مكة وسبب ورود الحديث أن سيدنا الصحابي المبارك حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- عندما كاتب أهل مكة يخبرهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتجهز لفتح مكة وأراد أن يصنع يداً عندهم ليأمن على أسرته وعلى ماله وعلى أهله وما نافق في إيمانه وما تردد يقينه في صدره وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون فلما أعلم الله نبيه -عليه الصلاة والسلام-