إخوتى الكرام: هذه عدة روايات ست روايات تفيد أن النبى عليه الصلاة والسلام رعى الغنم وأن جميع أنبياء الله ورسله على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه قد قاموا بتلك المهمة ألا وهى رعاية الغنم ليتهيأ لهم بعد ذلك رعاية الأمم على نبينا وأنبياء الله ورسله جميعا صلوات الله وسلامه.
قال الحافظ ابن حجر فى الفتح فى الجزء الرابع صفحة واحدة وأربعين فى شرح الحديث المتقدم ألا وهو حديث أبو هريرة وقلت إنه فى صحيح البخارى يقول قال العلماء الحكمة فى إلهام الأنبياء على نبينا وعليهم جميعا صلوات الله وسلامه من رعى الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم ولأن فى مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها فى المرعى ونقلها من مسرح إلى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتاجها إلى المعاهدة ألفوا من ذلك الصبر على الأمة وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا بضعيفها وأحسنوا التعاهد لها فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك برعى الغنم وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها فى العادة المألوفة ومع أكثرية تفرقها فهى أسرع انقيادا من غيرها وفى ذكر النبى صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن عَلم كونه أكرم الخلق على الله ما كان عليه من عظيم التواضع لربه والتصريح بمنته عليه وعلى إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء.