للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك دلالات القرآن، وفيها الحجة والبرهان، على أن رجاء رحمة الرحيم الرحمن، منوط بالعمل بشرائع الإسلام، والثبات على هدي خير الأنام، نبينا محمد – عليه الصلاة والسلام – ومن فرط في ذلك من إنس وجان، ورجا من ربه الإحسان، والتنعم بدخول الجنان، فهو من ذوي السفاهة والخسران، ومن أهل الحماقة والخذلان، ورجاؤه أضغاث أحلام، بل هو من تسويلات الشيطان، بلا خوف عند أهل الإيمان، رزقنا الله الأدب معه في جميع الأحيان، ومن علينا بحسن الختام، والتلذذ بالنظر إلى وجهه الكريم في غرف الجنان.

دلالات الحديث النبوي على ذلك التقرير السوي:

... سأقتصر على حديث واحد فقط في بيان ذلك الإيضاح القوي الصحيح، وهو في بابه نص صريح لما فيه من قوة البيان ووضوح التصريح، ورد في المسند والمستدرك، وسنن الترمذي، وابن ماجه وغيرهم من كتب الحديث الشريفة عن شداد بن أوس – رضي الله تعالى عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله – عز وجل – (١) .


(١) انظر المسند: (٤/١٢٤) ، والمستدرك – كتاب الإيمان: (١/٥٧) ، وكتاب التوبة والإنابة: (٤/٢٥١) ، وسنن الترمذي – كتاب صفة القيامة – باب: "٢٦": (٧/١٦٥-١٦٦) ، وسنن ابن ماجه – كتاب الزهد – باب ذكر الموت والاستعداد له: (٢/١٤٢٣) ،ومسند الطيالسي – منحة المعبود – كتاب الترغيب في الأعمال الصالحة – باب الترغيب في خصال من أعمال البر مجتمعة، والترهيب من ضدها: (٢/٣٢) ، وتاريخ بغداد: (١٢/٥٠) ، وحلية الأولياء: (١/٢٦٧، ٨/١٧٤) ، وعزاه السيوطي في جمع الجوامع: (١/٤٣٨) إلى العسكري في الأمثال، وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس، وإلى البيهقي في السنن الكبرى، وللطبراني في المعجم الكبير.

والحديث قال عنه الحاكم في المكان الأول: هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي بقوله قلت: لا والله، وأبو بكر بن أبي مريم الغساني واه، وقال الحاكم في المكان الثاني: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقره الذهبي مع كونه من طريق أبي بكر بن أبي مريم، ومدار الحديث عليه في جميع الروايات، وقد رمز السيوطي لصحته في الجامع الصغير، فتعقبه المناوي في شرح الجامع الصغير المسمى بفيض القدير: (٥/٦٨ بكلام الذهبي المتقدم، وقول ابن طاهر: مدار الحديث على أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف جداً ١٠هـ وقد حسنه الترمذي، ونقل التحسين عنه النووي في رياض الصالحين: (٤٦، ولم يعترض عليه، وكذلك ابن علان في دليل الفالحين: (٢/٣٠٥) ، وقال الشيخ الأرناؤوط في تعليقه على جامع الأصول: (..../١٣) في سنده أبو بكر بن أبي مريم الغساني وهو ضعيف ومدار الحديث عليه، ومع ذلك فقد قال الترمذي: هذا حديث حسن ١٠هـ واقتصر العراقي في تخريج أحاديث الإحياء على عزو الحديث إلى الترمذي وابن ماجه، وذكر خلاصة ما تقدم دون ميل إلى شيء منها السخاوي في المقاصد الحسنة: (٣٢٩-٣٣٠) ،وابن الديبع في تمييز الطيب من الخبيث: (١٢٧-١٢٨) ، والعجلوني في كشف الخفاء: (١/١٣٦) ، والبنا في بلوغ الأماني: (١٩/٢٢) ، واستدل به على أنه حديث ثابت ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (١٤/٤٦٠-٤٦١) ، والمعلمي في التنكيل: (١٩٦) ، وضعفه الألباني في تعليقه على التنكيل، ومشكاة المصابيح: (٣/١٤٥٤) ، والذي يظهر للعبد الضعيف راقم هذه الحروف أن أبا بكر بن أبي مريم الغساني مع أنه ضعيف فالحديث حسن لما له من الشواهد الكثيرة، وما في أبي بكر بن أبي مريم من ضعف فسببه ضعف حفظه وهو مع ذلك متماسك ومن أوعية العلم، وهو من العباد البكائين، وما فيه من ضعف يزول إذا شهد لروايته ما ثبت عن الأئمة الفحول، انظر ترجمته والحكم عليه في تقريب التهذيب: (٢/٣٩٨) ، وتهذيب التهذيب: (١٢/٢٨-٣٠) ، وميزان الاعتدال: (٤/٤٩٧-٤٩٨) .