للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

.. والحديث الشريف – كما ترى – كلمة الفصل في هذا المقام، حيث وقع التصريح فيه بأن الناس صنفان، عاقل يقوم على حساب نفسه، ويبذل جهده فيما ينفعه بعد موته، فهو حقيق برجاء رحمة ربه، والصنف الثاني أحمق أخرق يرخي لنفسه العنان، لتتخبط في وساوس الشيطان، ثم يتمنى على الملك الرحمن، ما يزينه له الشيطان – نعوذ بالله من الخذلان –.

بعض الآثار عن سلفنا الأبرار في بيان حقيقة رجاء الأخيار، وحماقة الأشرار:

... الآثار عنهم في ذلك كثيرة، إليك ثلاثة منها شهيرة، فيها دلالة لتلك المسألة الجليلة الكبيرة، قال الإمام معروف الكرخي – رضي الله تعالى عنه –: طلب الجنة بل عمل ذنب من الذنوب وانتظار الشفاعة بلا سبب نوع من الغرور، وارتجاء رحمة من لا يطاع جهل وحمق، وقال: رجاؤك لرحمة من لا تطيعه خذلان وحمق (١) .


(١) كما في حلية الأولياء: (٨/٣٦٧) ، وطبقات الصوفية للسلمي: (٨٩) ، ومختصر القاصدين: (٣١٨) ، وشرح الحكم لابن عباد: (١/٦٦) ، ومعرفو الكرخي من أئمة الهدى وكانت وفاته في نهاية القرن الثاني – رحمه الله تعالى – رئي بعد موته على حالة حسنة وهو ينشد:

موتُ التقيّ حياةٌ لا نفاد لها ... قد مات قوم وهم في الناس أحياء

وهو من أسرة نصرانية فأسلم وأسلمت أسرته تبعاً له، وكان يقول: نعوذ بالله من طول الأمل، فإنه يمنع خير العمل، وكلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله – عز وجل – وقال: إنما الدنيا قدر تغلي وكييف يرمى، وسأل عبد الله أباه الإمام أحمد – عليهما رحمة الله تعالى – هل كان مع معروف الكرخي شيء من العلم؟ فقال له: يا بني كان معه رأس العلم خشية الله – عز وجل –، انظر هذا وغيره من ترجمته المباركة في الحلية: (٨/٢٦٠-٢٦٨) ، وصفة الصفوة (٢/٣١٨-٣٢٤) ،وفيه: إنما اقتصرنا ههنا على اليسير من أخباره لأنا قد جمعنا أخباره ومناقبه في كتاب أفردناه لها، والمختصر في أخبار البشر: (٢/٣٣) ، وشذرات الذهب: (١/٣٦٠) ، وطبقات الصوفية للسملي: (٨٢-٩٠) ، والرسالة القشيرية: (١/٧٤-٧٨) ، والطبقات الكبرى للشعراني: (١/٨٤) ، وتاريخ بغداد: (١٣/١٩٩-٢٠٩) .