والحديث ثابت ثبوت، صحة، ولتعدد طرقه حكم عليه العلماء الكرام بتواتره، كما هو مبين في التخريج، فاغتنم ما فيه وسل الله المزيد.
وإذا كان حال الأمة سيصير إلى ما ذكرت فعليك أيها المسترشد، يا من تريد نصح نفسك، بالتمسك بصراط ربك، حسبما كان عليه الخيرة من سلفك، فلو رجعت إلى رشدك، وتأملت الأمور من حولك لعلمت أنك في زمان لو جد فيه الصديقون لاستغاثوا بالله مما يجري فيه من الزيغ والمجون، فحذار حذار من التفريط والإهمال، والاسترسال فيما يشقيك في الحال، والمآل، فكم وكم انسلخ من دين الله بسبب ذلك نساء ورجال، روى الإمام أحمد في المسند والطبراني في المعجم الأوسط عن النعمان بن بشير – رضي الله تعالى عنهم أجمعين – قال: صحبنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسمعناه يقول: "إن بين يدي الساعة فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ثم يمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ثم يصبح كافراً، يبيع أقوام خلاقهم بعرض من الدنيا يسير" قال الحسن البصري – رحمه الله تعالى -: "والله لقد رأيناهم صوراً ولاعقول، أجساماً ولا أحلام، فراش نار، وذُبَّان طمع، يغدو أحدهم بدرهمين، ويروحون بدرهمين، يبيع أحدهم دينه بثمن العنز (١)
(١) - انظر المسند: (٤/٢٧٣) ، ومجمع الزوائد: (٧/٣٠٩) ، وقال الهيثمي: فيه مبارك بن فضالة، وثقه جماعة، وفيه لين، وبقية رجاله رجال الصحيح ١هـ وللحديث شواهد كثيرة، ثابتة صحيحة منها ما في صحيح مسلم – كتاب الإيمان – باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن: (١/١١٠) وسنن الترمذي – كتاب الفتن – ما جاء ستكون فتن كقطع الليل المظلم: (٦/٣٥٥) عن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: "بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراًَ، يبيع دينه بعرض من الدنيا" ورواه الترمذي أيضاً عن أنس بن مالك، وأشار إلى رواية الحديث أيضاً عن جندب، والنعمان ابن بشير، وأبي موسى – رضي الله تعالى عنهم أجمعين –.