للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تبين بهذا العكس أن ذلك التأويل الذي يغلب (١) فيه جانب الشر لا يصح إفراده، إذ ليس أحد التأويلين أولى من الآخر.

وإذا لم يصح واحد منهما (على الانفراد وتساقطا معا لتساويهما) (٢) رجعنا إلى التأويل الذي لا يصح سواه، وهو أن من هو كثير الخير كثير الشر وقليل الخير قليل الشر هما من استوت حسناتهما وسيئاتهما ولابد، وإذا كان الأمر كذلك صح ما قلناه من كون القسمين لا يدخلان في ترجمة من رجحت سيئاتهم على ما قدمناه.

الجواب الثاني: إن الحميدي إذا تكلم في التنظير بين هذه الأقسام إنما يجعل كثرة الخير وكثرة الشر على السواء، وقلة الخير وقلة الشر على السواء من غير مفاضلة فيهما أصلا، وذلك جلي في كلامه على ما يأتي بعد هذا، حيث قال: (ق.٥٠.ب) فلنتكلم الآن في كثير الخير كثير الشر مع قليل الشر كثير الخير (٣) فوجدناهما قد استويا في كثرة الخير، واختلفا في كمية الشر، يعني (٤) في قلته وكثرته، وكذلك قوله: ثم نظرنا في قليل الخير قليل الشر مع قليل الخير كثير الشر فوجدناهما قد استويا في قلة الخير واختلفا في كمية الشر، نعني في قلته وكثرته.

وهكذا قوله في سائر الأقسام إنما هو على هذه الوتيرة، فإن عادته إذا وصف بكثرة الخير أو بقلته شخصين إنما يسوي بين خيريهما في ذلك.


(١) في (ب): غلب.
(٢) من (ب).
(٣) انقلب في (ب) إلى: مع قليل الخير كثير الشر.
(٤) في (ب): نعني.

<<  <  ج: ص:  >  >>