للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتلقاه عنه من آمن به.

ولذلك قالت امرأة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ} [التحريم: ١١]، علما منها بأن من آمن كانت الجنة ثوابه، ثم قالت: {وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: ١١]، استبلاغا في التبري من الكفر والهرب من لواحقه.

وقد تقدم أن نوحا - عليه السلام - وهو أول الرسل استغفر للمؤمنين والمؤمنات, ولم يستغفر في ذلك الوقت الذي هو آخر أمره إلا لمن هو مؤمن, وذلك موافق لما صدر منه لقومه قبل ذلك بالسنين المتطاولة، إذ قال لهم: {يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} [نوح: ٣٢] , فرتب المغفرة على تقوى الله وعبادته, وذلك هو معنى الإيمان، وهكذا القول في سائر الأمم.

فلم يبعث الأنبياء صلوات الله عليهم إلا لدعاء الخلق إلى الله وتعريفهم بأن من لبى دعوتهم تناولته المغفرة فحصل له الثواب, ومن لم يستجب لهم لم تتناوله فلزمه العقاب.

وقد أدرك هذا المعنى المؤمنون من الجن قال الله تعالى حكاية عنهم: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ} [الأحقاف: ٣١] إلى آخر الآيتين. وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه بحول الله.

والنص عندنا موجود على أن الله تعالى لا يغفر الإشراك به، إذ قال في موضعين من كتابه العزيز: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] , وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>