للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أخبر الله في القرآن بأقواله - عليه السلام - لهم وبأقوالهم له وأمره تعالى فيه بما يقوله لهم، مثل قوله: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ} [سبأ: ٤٦]، {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً} [الأنعام: ٩٠]، {قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨]، ونحو ذلك.

ثم إنه - عليه السلام - أخذ يدعو قبائل العرب إذا حضر الموسم، ويعلمهم أنه رسول الله إلى الناس ويسألهم النصر له حتى يبلغ (١) عن الله ما أمره به، وهذا كله يحتاج إلى طول تكون المراودة فيه بينه وبين الناس.

ثم توجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى الطائف فدعاهم إلى الله فلم يجيبوه، ثم حاصرهم بعد مدة فلم يجيبوه، ثم هداهم الله للإسلام بعد ذلك.

وكذا (٢) كان دعاؤه إلى الله بعد الهجرة في عشر سنين، كتب فيها إلى الملوك وأرسل إليهم رسله وأقام الحجة على البشر، فلما فتح الله عليه مكة أظهر الله دينه وأعز نصر نبيه حتى دخل الناس في دين الله أفواجا، وامحى رسم الجاهلية بالكلية، واضمحل الباطل وارتفع الإشراك، وأعقب الله ذلك كله بالإيمان والإسلام.

وهكذا جرت عادة الله تعالى بين الأنبياء الذين أرسلهم إلى الخلق وبين الأمم الذين بعثهم إليهم في احتياج جميعهم إلى زمان تطول فيه المراودة بينهم والنظر فيما جاءوا به، وذلك مذكور في أقاصيص الأنبياء في القرآن مثل نوح


(١) في (ب): بلغ.
(٢) في (ب): وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>